شيء لا يصدّق ما وقع بمقر وزارة الداخلية –الاثنين الماضي- عندما داهم المئات من رجال الشرطة والبوليس المنشقين مكتب وزير الداخلية الجديد فرحات الراجحي حينما كان مجتمعا مع الجنرال رشيد عمار قائد أركان جيش البر.
وكان بإمكان الراجحي والجنرال عمار أن يتعرضا إلى القتل، لكن من ألطاف الله هذه المؤامرة -داخل الدوائر الأمنية الفاسدة- تصدى لها رجال فرق مكافحة الإرهاب.
وقال الراجحي في حوار أجراه مع قناة "حنبعل" –ليلة أمس- "لولا تدخل فرق مكافحة الإرهاب لقتلونا أنا والجنرال عمار... لقد هربنا بمعجزة".
وكشف الراجحي عن أن مئات من المجرمين والأمنيين المسلحين كانوا مخمورين وتحت تأثير المخدرات- وقاموا بمداهمة مكتبه وحاولوا الاعتداء عليه وعلى الجنرال رشيد عمار.
ولفت وزير الداخلية الجديد إلى أن مدير الأمن (الذي تم عزله أمس الثلاثاء) لم يوقف أيا من المهاجمين وأنه سمح لهم جميعا بمغادرة الوزارة بعد مداهمتهم لمقرها.
وندد الراجحي بما وصفه "تواطؤا صارخا في الأجهزة الأمنية على أمن الدولة". ولم يستبعد أن يكون هؤلاء المنشقين تلقوا تعليمات من رفيق بلحاج قاسم وزير الداخلية في عهد الرئيس المخلوع (والذي وقع اعتقاله لمدة ثلاثة أيام قابلة للتجديد للتحقيق معه).
وكان رفيق بالحاج قاسم اليد المتجبرة، التي حاول الديكتاتور بن علي أن يقمع بها الانتفاضة الشعبية، التي استشهد خلالها أكثر من 200 شخصا بحسب أرقام أممية.
وغداة مداهمة مقر وزارة الداخلية تمّ عزل 42 كادرا في الداخلية من ضمنهم مديري 11 جهازا أمنيا هي "الإدارة العامة للأمن الوطني" و"الإدارة العامة للأمن العمومي" و"الإدارة العامة للمصالح المختصة" و"الإدارة العامة للمصالح الفنية" و"الإدارة العامة لوحدات التدخل" و"الإدارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية" و"التفقدية العامة للأمن الوطني" و"الإدارة العامة للتكوين" و"إدارة المدرسة العليا لقوات الأمن الداخلي" و"تعاونية موظفي الأمن الوطني والسجون والإصلاح" و"الإدارة المركزية للعمليات".
وتزامن إجبار مديري هذه الأجهزة على التقاعد المبكر مع سلسلة من الاعتداءات الهمجية -أمس الثلاثاء- بكامل أنحاء البلاد لبث البلبلة والرعب والشائعات في صفوف المواطنين، خاصة مع إضراب أعوان الشرطة عن العمل لتحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية.
لكن وزير الداخلية وعد بإنهاء حالة الانفلات الأمني التي تعيشها البلاد منذ أول أمس خلال الأيام القادمة، مشيرا إلى وجود تنسيق كبير بين وزارتي الداخلية والدفاع لإنهاء الانفلات.
ويشار إلى أنّ الراجحي أعلن عن قبول تسوية الوضعية المادية لأعوان الأمن من خلال الترفيع في قيمة الساعات الإضافية للعمل من 100 مليم إلى 3 دنانير، إضافة إلى الترفيع في المنح الخصوصية وغيرها...
كما استجاب الوزير لمطالب أعوان الشرطة الذين طالبوا بتشكيل نقابة مؤقتة إلى حين الاتفاق على الصيغ القانونية لإداث أول نقابة موحدة للبوليس والحرس وأعوانا لسجون في تونس.
وبالتالي لا يبقى لأعوان الشرطة أي عذر لعدم الرجوع إلى مواطن عملهم لفرض هيبة الدولة وإعادة الهدوء إلى البلاد، التي يبقى الأمن فيها غير مستقر إلى حدّ الآن.