حركية كبيرة و غير مسبوقة تشهدها هذه الأيام مدينة بن قردان (التابعة لمحافظة مدنين)، والمعبر الحدودي رأس جدير، بعد توافد الآلاف من التونسيين المقيمين في ليبيا وعدد من اللاجئين من جنسيات مختلفة هروبا من جحيم القذافي الذي نكل بشعبه وتوعده إلى آخر "قطرة دم".
وفي سؤال "العربية.نت" عن الأوضاع الميدانية في ليبيا، أفادنا عدنان بن كريم، و هو عامل بناء، أنها جد مأساوية، مؤكدا أن الشعب الليبي يتعرض لمجزرة أو محرقة أو حتى إبادة جماعية.
وأضاف "المرتزقة الأفارقة حولوها إلى مقبرة جماعية، وأشلاء الجثث منتشرة في كل مكان".
أشرف من جهته أكد لنا أن ما يتعرض له الشعب التونسي و المصري في ليبيا هو مآمرة من القذافي و أبناءه، فبمجرد أن تكشف عن هويتك تتعرض للضرب والشتم
وتنعت بأفظع النعوت بتهمة أن الشعبين التونسي و المصري هما سبب البلية، وهما من صاغا الشعارات المناوئة للقذافي، وحرضا شعبه ضده.
أما السيد أحمد فلم يستطع أن يخفي دموعه وحيرته على بقية أصديقاءه العالقين في ليبيا، مؤكدا أن فرحته لن تكتمل إلا إذا عادوا إلى تونس، فأعداد كبيرة على حد قوله لم تتمكن من الفرار، كما أن عدد القتلى و الجرحى كبير جدا، و يتجاوز الأرقام المصرح بها.
السيدة حنان تونسية متزوجة من ليبي، تؤكد أن الأوضاع النفسية سيئة للغاية، فحتى الأطفال مصابون بحالة كبيرة من الهلع و الفزع بسبب "الجحيم" الذي عاشوه.
و لكنها في المقابل تؤكد أن الفضل في نجاتها و عائلتها يرجع أولا لله سبحانه، و ثانيا للشعب الليبي "العظيم و الكريم" الذي مد لهم يد المساعدة رغم محنته ووفر لهم المال و السيارات للهروب إلى الحدود التونسية.
محنة "ليبية تونسية" مشتركة
وفي الجانب الآخر، يشهد الوضع الميداني على الحدود التونسية الليبية حراكا هاما، جمع بين مسيرات تضامن مع الشعب الليبي الشقيق، شارك فيها قرابة 30 ألف مواطن، رفعوا شعارات "لا تجمع لا لجان، الشعب العربي لا يهان"، و"من مراكش لرأس جدير، شعب واحد لا شعبين"، وبين استقبال لوفود تونسية وأجنبية متوافدة من ليبيا.
وتقدر بعض المصادر الديوانية دخول ما يزيد عن 30 ألف وافد من ليبيا إلى تونس، أكثر من 10 آلاف منهم تونسيون منذ 20 فبراير، و بعض المئات من جنسيات مصرية،
وسورية، وتركية، وحتى الصينية.
ولتأمين سلامة هذه الجحافل من الفارين، وعلى امتداد أكثر من 280 كلم من الشريط الحدودي مع ليبيا، انتشرت قوات الجيش الوطني لتأمين الحدود ومد يد العون لهؤلاء.
حيث أقامت بالتعاون مع فرق الحماية المدنية خياما لإيواء اللاجئين، وإسعافهم. مع تجهيز وحدة طبية عسكرية متنقلة فيها غرفة للعمليات، إضافة إلى توفير عدد كبير من سيارات الإسعاف، والإطار الطبي وشبه الطبي الذين هبوا من ولايات عدة، مثل قابس و صفاقس وقفصة لنقل الجرحى و معالجتهم مجانا.
كما قام سكان مدنين، وبن قردان، وجرجيس، والعديد من المدن الأخرى القريبة من الحدود، بتسخير أكثر من 30 حافلة لنقل الوافدين التونسيين إلى المحافظات الداخلية لتونس، وفتحوا أبواب منازلهم لاستقبال الوافدين الليبيين، ومن الجنسيات الأخرى،
وتوفير حاجياتهم من مأكل و مشرب بكل تلقائية، وفي موجة تضامنية اختفت فيها الفوارق الطبقية، وامتزجت فيها اللهجات التونسية بالليبية والمصرية، مؤكدة أن المحنة الليبية هي محنة عربية مشتركة.
هل تريد التعليق على التدوينة ؟